
نبض فزان
تشهد المناطق الجنوبية في البلاد، تصاعدًا ملحوظًا في عمليات التنقيب غير القانوني عن الذهب، حيث تجذب المناجم الغنية بالمعدن الأصفر، عصابات محلية ودولية تسعى لاستغلال الفوضى الأمنية ونهب الموارد الطبيعية، في مقدمتها عائلة حفتر.

عصابات الذهب ونهب الثروات
وتشير تقارير إلى، أن عصابات مسلحة، تضم عناصر من النيجر وتشاد والصين، تنشط في مناطق التعدين جنوب ليبيا، حيث تتسلل مجموعات أجنبية بالتنسيق مع بعض القبائل المحلية لاستخراج الذهب بطرق غير مشروعة، وليست بعيدة عن رجال حفتر والمحسوبين عليه.

جبال العوينات.. كنز ليبيا المستهدف
وتعد جبال العوينات، الواقعة جنوب شرق البلاد من أبرز المناطق الغنية بالذهب في إفريقيا، حيث تشير تقارير المجلس العالمي للذهب إلى أنها تحتضن ثاني أكبر مخزون من الذهب في القارة.

ويمتد جبل العوينات على مساحة 1500 كيلومتر مربع بين ليبيا ومصر والسودان، حيث يقع 60% من مساحته داخل ليبيا. ويمتاز الذهب في هذه المنطقة بسهولة استخراجه، إذ لا يحتاج إلى حفر عميق أو معدات باهظة الثمن، مما يجعلها بيئة خصبة لعمليات التنقيب العشوائي والتهريب.

مناطق أخرى تشهد استنزاف الذهب
وإلى جانب جبال العوينات، تعد منطقتا كوري أدري والطينة الحدوديتان مع تشاد والنيجر، من أبرز المناطق الغنية بالذهب في ليبيا. وتمتاز هاتان المنطقتان بعزلتهما الجغرافية وصعوبة الوصول إليهما، مما يسهل عمليات التنقيب بعيدًا عن رقابة السلطات.

حفتر يعزز نفوذه في الجنوب
وفي ظل تصاعد عمليات النهب لمقدرات الجنوب، أطلقت قوات حفتر عمليات عسكرية لتأمين الحدود الجنوبية، خاصة بالقرب من مناجم الذهب على الحدود مع تشاد. هذه التحركات تعكس رغبة حفتر في فرض السيطرة على الموارد الطبيعية، وسط اتهامات بوجود تحالفات إقليمية لتعزيز النفوذ الجيوسياسي في المنطقة، خصوصًا مع الاهتمام الروسي المتزايد بالذهب الليبي.
عمليات عسكرية
وفي أغسطس 2024، أطلقت قوات حفتر عملية عسكرية لتعزيز السيطرة على الحدود الجنوبية، خاصة بالقرب من مناجم الذهب على الحدود مع تشاد. وتهدف هذه العمليات إلى تأمين المنطقة ومنع الجماعات المسلحة من استغلال الموارد الطبيعية. كما أشارت تقارير إلى أن قوات حفتر، ركزت على السيطرة على مناجم الذهب في منطقة كوري بوغودي وفرض الضرائب عليها.

الأبعاد الإقليمية والدولية
ولا تقتصر أهداف حفتر في تعزيز وجوده في الجنوب على السيطرة فقط على الموارد الطبيعية، بل يمتد إلى تحقيق مصالح جيوسياسية. تُعتبر هذه التحركات بوابة لتمدد النفوذ الروسي في أفريقيا، حيث تسعى موسكو لتعزيز حضورها في المنطقة عبر تحالفاتها مع قوات حفتر. بالإضافة إلى ذلك، فإن السيطرة على مناجم الذهب ومناطق الغاز، مثل حوض غدامس الذي يحتوي على 13 تريليون متر مكعب من الغاز، توفر لحفتر مصادر تمويل مهمة لتعزيز نفوذه العسكري والسياسي.

ويظل الذهب في الجنوب، ورقة قوية في المشهد السياسي والاقتصادي، حيث يسعى حفتر للهيمنة على مناجم العوينات، وسط تنافس داخلي وخارجي على هذه الثروة الضخمة.
وبينما تستمر عمليات التهريب والتنقيب غير المشروع، يبقى السؤال مطروحًا: هل تستطيع ليبيا حماية ذهبها من الاستنزاف؟ والأهم هل يتحرك الجنوب نحو إعلان استقلاله لحماية موارده وثروات أبنائه؟!