
مفاجأة جديدة بدخول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على خط حاصدي الكنوز من شرق وجنوب ليبيا من خلال عدوه السابق وحليفه الحالي حفتر ونجليه صدام وبلقاسم وميليشياته التي تسيطر على الأرض بقوة السلاح والدماء.
الغريب أن أردوغان ينفذ خطته في ليبيا بالتحالف مع حفتر وتغاضيه عن حلفائه السابقين في غرب ليبيا، بينما تقف أوروبا تراقب النفوذ الجيوسياسي المتنامي لتركيا بالمنطقة وهي مكتوفة الأيدي وكل دولة تتصرف على حدى.
تركيا بدأت بالتدخل في المشهد الليبي من خلال مسؤولين في الغرب منذ 2019، وكانت على خلاف عميق مع حفتر وإجراءاته التي اتخذها حينها، وفي عام 2020، وصلت الأزمة في العلاقات بين أردوغان وحفتر إلى مستوى الإهانات العلنية المتبادلة؛ وفي يناير 2020، وردًا على سؤال حول ليبيا، قال أردوغان إن خليفة حفتر ”لا يمثل أي شيء مهم“، فيما قال حفتر في خطاب إذاعي يوم 23 مايو 2020، إن أردوغان طاغية.
وبلغ الصراع الشخصي بين أردوغان وحفتر مداه في يونيو 2020 عندما وعد أردوغان بالوقوف مع الليبيين ضد حفتر وأن كل من ساعد حفتر أغرق ليبيا في الدماء والدموع.
لكنها تركيا استكملت مؤخرا تعزيز مصالحها في جميع أنحاء ليبيا وبناء علاقات مع حفتر في الشرق الليبي بلقاءات بلقاسم حفتر في تركيا من أجل مشاركتها في إعمار ليبيا، وبعدها غير أردوغان استراتيجيته وبدأت تؤتي ثمارها في عام 2025، فقد تدهورت صحة حفتر بشكل كبير في نهاية مارس وظهر صدام كقائد جديد للميليشيات في الشرق والجنوب،
وكثف صدام بحثه عن دعم دولي لترشيحه كرئيس مقبل لميليشيات والده فقررت أنقرة استغلال ذلك بدعوته لزيارة غامضة في 4 أبريل 2025.
وذكرت وسائل الإعلام أن صدام أجرى محادثات مع قائد القوات البرية التركية سلجوق بيرقدار أوغلو، ولكن وفقًا لمصادر مطلعة، فإن الرئيس التركي أردوغان استقبل صدام حفتر بنفسه.
وفي وقت لاحق، أفادت صحيفة HTS Haber التركية بتوقيع الطرفين على اتفاق يتضمن شراء ليبيا معدات عسكرية تركية، وتدريب 1500 متخصص في الدفاع الليبي، وصيانة وإزالة الألغام، وتطوير البنية التحتية العسكرية، وتدريب عناصر البحرية على الساحل الشرقي لليبيا، وتنسيق الجهود لتوحيد القيادة العسكرية الليبية.
ووافق خليفة حفتر، رسميًا على رحلة ابنه، لكن تفاصيل زيارة صدام إلى تركيا بقيت خارج علمه؛ فهناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن سيناريو نقل السلطة في ميليشيات حفتر قد تم وضعه بالفعل. وأشارت مصادر إلى أن ذلك سيتم بعقد مجلس عسكري للقادة، حيث سيتم التصويت على تعيين صدام حفتر رئيسًا جديدًا دون موافقة برلمان الشرق.
وعلاوة على ذلك، ولكسب الاعتراف الدولي، سيستخدم صدام التهديد بقطع إمدادات النفط لتحييد الانتقادات من مؤيدي الديمقراطية الأوروبيين الذين يخشون فقدان إمكانية الوصول إلى النفط الليبي الرخيص.
ومن المرجح أن تبقى الولايات المتحدة، التي تستهلكها الصراعات التجارية، بمعزل عن الشؤون الداخلية لشرق ليبيا، لا سيما أن صدام لديه اتفاق مع تركيا والتي هي حليفتها وسوف تتمكن من تنفيذ مصالحها بتقليل النفوذ الروسي في جنوب ليبيا، لكن تركيا دائما تعمل بمفردها وتحصد المكاسب لنفسها.
تركيا باستراتيجيتها الجديد تعزز مكانتها في البحر الأبيض المتوسط وجنوب ليبيا بوابة القارة الأفريقية الاستراتيجية التي استولت عليها من خلال صدام حفتر، وستحصل أيضًا على إمكانية الوصول إلى الميزانية الليبية لتعويض نفقاتها العسكرية.
وتظل دول أوروبا في حيرة من أمرها متوقعة أن تركيا لن تقطع عنها إمدادات الطاقة الليبية، بينما تحاول بعض الدول مثل فرنسا وإيطاليا وبريطانيا استغلال حفتر للسيطرة على كل المكاسب، وتظل المؤامرات والمطامع دائرة، والشعب الليبي سيدفع الثمن من قوته ومقدراته وتاريخه.